السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه القصة قراتها وعجبني وأتمنى أن تنال أعجابكم
في زمن مضى غير محدود ، في مدينة غير مذكور اسمها عاش طفل مع أمه على أطراف المدينة في بيت صغير بعد وفاة والده الذي مات ولم يخلف له سوى ذلك البيت الصغير والفقر !.
فحرصت الأم على تعليم ابنها حيث كان التعليم في ذلك الوقت محصوراً على فئةٍ قليلة من الناس ، ونشأ الولد على الصفات الحميدة والاخلاق الفاضلة ، وأخذ من العلوم الشئ الكثير ..فأجاد القراءة والكتابة وأصبح متعلماً .
وصار يعمل كاتباً على مدخل قصر الملك ، وعرفه الناس هناك بأخلاقه وأمانته .
وفي يوم من الأيام جلس عند باب القصر -أي قصر الملك - ولم يحصل على أي عمل وطال الوقت عليه فأحس بالملل فأخذ ريشته وكتب على الباب :
ألسنــــــــــــــــــــــــــــــــا
ومرر الحبر على الكلمة مراراً دون قصد ، وانتهى به اليوم دون عمل .
وعندما خرج الملك لفت انتباهه الحبر الموجود على الباب فقرأه ..وبغضب قال : من كتب هذا ؟؟
لمن حوله من الحاضرين فقال أحدهم : إن هذا الخط لشاب "فلان ابن فلان " يقصد صاحبنا!.
قال الملك : آتوني به ...فلما وصل الشاب ..سأله الملك : من كتب هذا ؟
بخوف قال الشاب : أنا ياسيدي .
قال الملك : وماتعني بهذا ؟!
الشاب : لاشئ ياسيدي .
غضب الملك ..وقال : لك مهلة ثلاثة أيام كي تكمل الجملة بما يتناسب مع المكان ولك ماتشاء إن أجدت وإلا فعقابك عندي شديد .
خرج الشاب من القصر خائفاً حزيناً لايعرف مايفعل أو حتى مايقول ذاهباً إلى البيت فرأته أمه مكتئباً حزيناً على غير عادة فسألته أمه : ما أمرك بني ؟ وأي الهموم تحمل على عاتقك ؟
خفف من روعك وأخبرني بصراحة ماذا جرى .
أجاب الشاب : سنرحل من هنا .
قالت الأم بدهشة ولماذا نرحل ؟!!
فأخبرها بما حصل في الديوان الملكي ، وماتوعده الملك من عقاب إن لم يكمل الجملة بما يناسب موقعها -أي على باب الديوان الملكي .
فنصحته أمه بالذهاب إلى الوادي فقرب الوادي يوجد عالم يدعى "عبد اللما" يأتيه الناس من كل مكان يتعلمون وينتفعون بعلمه ، فقد تجد عنده حلاً لمشكلتك .
بات الشاب ليلته وبكر ذاهباً إلى الوادي ، قطع مسافة طويلة حتى وصل إلى الوادي وكان وقت الظهر فوجد على عين ماء بنت تغسل ثياب .
بعد أن حياها بتحية الإسلام بأدب سألها ماء ليشرب . .
قالت : الماء أجاج والعذب خلف الباسقات .
تقدم الشاب خطوات ..نحو الأشجار ..فوجد الماء العذب ..فشرب ..وحمد الله ..وشكر البنت على ذلك .
فقالت : ما اسمك ؟
وكان قد التمس من ردها فطنة وذكاء
فقال : اسمي في جبينك!! .
قالت : مرحباً بك ياحسن .
قال : وما اسمك ؟
قالت : اسمي أشد من القتل !!
فقال : مرحباً بك يافتنة .
واستضافته لطعام الغداء في دار أبيها حيث كانت تسكن مع أبيها وأمها العجوزين .
وبعد تناول الأكل ..
سألته : إلى أين أنت ذاهب ؟
قال : إلى عند "عبد اللما " ألا تعرفين أين أجده ؟.
قالت :
"ألسنا " نقول لضيفنا إذ جاء =بأن عبد اللما خلف وادينا
فتغير لونه وابتسم ..
وقال : ماعدت محتاجاً لعبد اللما !.
قالت : لماذا ؟؟!!
قال : لأنني وجدت ماكنت أبحث عنه ، وأخبرها بما جاء من أجله وأن ماقالته قد كفى وأوفا .
وطلب منها الإذن بالرجوع إلى المدينة ورجع مسرعاً إلى المدينة وذهب إلى الديوان مبكراً في اليوم الثاني وأكمل الجملة ووصل الخبر إلى الملك فطلبه وأكرمه وقال له : اسأل ماشئت ؟
وأعطاه خلعة سنية وعينه مستشاراً في الديوان .
ثم عاد الشاب إلى البنت وتزوج بها وعاشوا عيشة هنية .
أحسنت أم ربت وعرفت أي ثوب هو العلم يكسو المكان والحلل .
وأحسنت فتاة كان لأدبها وعلمها حلة جمال زادتنها فتنة على فتنتها .
وأحسن كل من مضى على درب العلم يكتسب به العلى والمكان
وتقبلو أزكى التحية العطرة...